مدرسة الشرطة.. اربعون ليلة في الضيافة الأمنية/ح12

مدرسة #الشرطة{12}

..يوليو على ثنيات الوداع والنظام يوذن بارتحال..
لن أبرح المدرسة حتى أذكر حمود، والشيء بالشي يذكر،
تم تعيين #حمود ولد امحمد وأنا داخل السجن فاستبشرت به خيرا .. لم أكن أعرف سبب فرحتي بتعيينة يومئذ، لكني أدركت لاحقا أن السبب هو حب التغيير والتطلع إلى ما هو أحسن..
صار #حمود وهو الشاب الثلاثيني مديرا عاما لتلفزة ترهلت ولموسسة إعلامية قد تداعت للسقوط..
كان النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة وأرهقته #تهديدات الفرسان وفضحت عجزه #المنابر السياسية والإعلامية والمراصد الحقوقية التي يديرها الإسلاميون، وأصبحت ردود أفعاله متشنجة.

تسلم حمود إدارة التفزة فشرع يخطط لنقلة عاجلة بموجبها تتغلب التلفزة الوطنية على تحديات #المنافسة التي تمثلت في ذلك الوقت في قناة العيون المغربية التي استولت واستحوذت على نفائس التراث الثقافي والفني للبلاد، وأصبحت متابعة بشكل مفضل من طرف الموريتانيين في كل مكان.
كان #المدير العام الجديد يخوض هذه المعركة بثقة واقتدار، غير أن الانقلاب فاجأه على عجل أي في #الثالث أغسطس قبل أن ينتج برامج من شأنها أن تغذي مسطرة المؤسسة.

بعد #الانقلاب وجد نفسه في ورطة حقيقية، لا توجد مادة مهيأة للبث إلا وفيها اسم معاوية وإنجازات نظامه.. وذلك أصبح “تابوها” لا قرب الله قرابته!
استدعي الصحفيين المنتجين’ وكنت أنا من بينهم، وشكا إلينا معضلته. فاقترحت عليه #برنامجا مستعجلا أسمه “اعرف وطنك” فوافق، لكنه قال: نريد حلقة منه في يوم الناس هذا..!
استبعد #الحاضرون ذلك وتحدثوا عن ضرورة إرسال بعثات إنتاجية إلى الداخل..

قلتُ لهْ: إنه في أمكاني إنجاز حلقة في نفس اليوم ، المهم عندي أن تعطى تعليمات جازمة لأهل #الإرشيف والمونتاج للقيام باللازم.
أنجزت الحلقة.. وفي الساحة #العاشرة مساء دخل علينا حمود- يستعجل نهاية البرنامج، وكنت في #غرفة المونتاج مع الأخ والزميل (آب ولد عمر) وكان يومها من القلة الذين يعرفون #المونتاج الافتراضي.

صدرت التعليمات ببث #البرنامج فور انتهائه..
وكان حمود يتابعه مع آخرين من #عقر داره، فلما انتهى بث البرنامج التفت إليهم وقال: وجدت صاحب هذا القلم مغيبا في أروقة التلفزة ويتقاضي #عشرين ألف أوقية!

#في فجر الغد اتصل بي المدير العام حمود فظننته سيبدي ملاحظات على #البرنامج .
لكنه طلب مني القدوم فورا محملا #بملفي الشخصي وكتابة طلب بهدف الترسيم..
دخلت مكتبه ولم يزدني على رد السلام فنادي #المدير الإداري (الحاج عمر) وقال لي بالحرف الواحد: #أكتتبك لوجه الله وللوطن.. ثم التفت إلى (الحاج) وقال له: احسب له #خمس سنوات من الأقدمية واكتب له أنه #كبير منتجين.
وائتني برسوم القرار لأوقعه فورا..

لم أكن أعرف #حمود ولا تربطني به #ولاية ولا مقاطعة ولا آصرة ولكنه -بعد توفيق الله تعالى- السبق والصدق،وشيم الرجال.
..ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس…

إلى الحلقة13 حول مواقفي مع حمود.

محمد عبد الرحمن المامون.
بتاريخ: 26\07\2025